مفاجأة كبيرة : يوسف بطرس غالى جاسوس منذ عام 1979

مفاجأة كبيرة : يوسف بطرس غالى جاسوس منذ عام 1979


استعان به مبارك وهو يعلم أنه عميل أمريكي وإسرائيلي

يوسف غالي هو أحد مديري أموال مبارك المهربة
من الخارج والتي تصل إلى 26 مليار دولار

وكيل المخابرات المصرية السابق: غالى يعمل جاسوسًا منذ عام 1979.. وفى لندن يتمتع بحصانة وحماية السفارة الأمريكية
أول نجاح مهنى لعمر سليمان فى إدارة المخابرات كان كشف الجاسوس «يوسف بطرس غالى»
عمر سليمان علم بعمالته عام 1994 وناقش فيها المخلوع وهدد بالاستقالة لو لم يتخذ موقفًا منه.. لكن مبارك أقنعه بأنه تحت السيطرة
 وكيل المخابرات طلب لقاء مبارك وكشف له جاسوسية غالى فرد عليه بأنه يعلم وأمر بتعيينه وزيرًا فخرج إلى المستشفى ومنها إلى القبر
 «غالى» الهارب من السجن المشدد لمدة 30 عامًا والعزل من الوظيفة ورد مبلغ 30 مليون جنيه إلى خزانة الدولة.. لا يزال طليقًا فى لندن
 استغله ويليام كيسى لإجراء عمليات سرية فى نيكاراجوا والبرازيل والبرتغال والمكسيك والدومينيكان حتى فى ساحل العاج فى عمليات شديدة الخطورة
 يوسف غالى توغل فى الوزارات وتوحش سياسيًا وأصبح رجل سر مبارك دون غيره من الوزراء أو حتى ضباط القصر
 اعتقلته المخابرات اللبنانية عام 2011.. وضغوط الأمريكان ساهمت فى الإفراج عنه وسُحبت الجنسية اللبنانية منه
 ذهب إلى أمريكا للحصول على الدكتوراه فتلقفته عيون المخابرات المركزية ومنحوه الجنسية لزرعه فى مصر عميلاً متخفيًا بشهاداته وخبرته العلمية
 يفتخر بالجنسية الإسرائيلية ويحمل جواز سفر صهيونيًا برقم (486021782)
 أشرف بنفسه على تحويل أرصدة عائلة المخلوع البالغة 26 مليار دولار إلى البنوك الأمريكية والبرازيلية ولديه توكيلات رسمية بإدارتها
 كان يظن أنهم سيتركونه بعد أن قضى فى خدمتهم وخدمة المخابرات المركزية الأمريكية أعوامًا طويلة لكنهم رفضوا وهددوه بالسجن
 بعد كشف الفضيحة.. زوجته طلبت الطلاق وأولاده يتعاملون معه بحذر وعائلته تبرأت منه
 معلوماته مسجلة فى السفارة الإسرائيلية بلندن كأحد رعاياها من المقيمين خارج حدودها وأنه لا يعمل فى أى دولة معادية لإسرائيل
 لماذا أرسل إليه حاخامات نيويورك نسخة نادرة من كتاب تعاليم دينية باللغة العبرية عنوانه «اسمع يا يوسف»؟
رغم أن المخلوع مبارك كانت لديه معلومات وتقارير رسمية بأن أحد وزراءه جاسوس إسرائيلى وأمريكى، لم يتحرك وكان يسانده.
القصة تبدأ من تقارير رسمية للواء «علاء الويشى» مسئول المتابعة الخارجية فى جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، قال فيها إن المدعو «يوسف رءوف يوسف بطرس غالى» المولود بالقاهرة فى 20 أغسطس 1952 المرشح لمنصب وزير الدولة للتعاون الدولى فى عام 1993، يعمل منذ عام 1979 جاسوسا لحساب المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه). وفى لندن يتمتع غالى حاليا بحماية السفارة الأمريكية، وبالتأكيد لو طال عمر الويشى لتوصل إلى أنه كان جاسوسا للموساد الإسرائيلى أيضا.
يفتخر بصهيونيته.. ومبارك يسانده
هناك إجراءات روتينية وحكومية بالنسبة إلى الهاربين من مصر، وبالذات من شغل منهم منصبا سياسيا أو إداريا كبيرا، مثل الوزراء. ومن هؤلاء قطعا «يوسف بطرس غالى»؛ إذ تنص تعليمات وزارتى الخارجية والداخلية، والمخابرات والشرطة السرية البريطانية، طبقا لقوانين المخابرات الإنجليزية لأعوام 1989 و1994، على أن يسلم الأجنبى المقيم فى ظروف سياسية خاصة، نسخة من كل مستند رسمى أو قانونى حديث يصدر بشأنه من أى جهة موجودة على الأراضى الإنجليزية للسلطات البريطانية المختصة. من هنا كان لزاما على يوسف بطرس غالى أن يسلم الأوراق التى وقع عليها فى السفارة الإسرائيلية التى حصل منها رسميا فى يوم الاثنين الموافق 13 يونيو الماضى على الجنسية الإسرائيلية الكاملة، وتسلم يومها جواز سفره الإسرائيلى رقم (486021782).
خدماته فى تل أبيب
فى ذلك اليوم اتصلت السفارة الإسرائيلية بـ«يوسف بطرس غالى» لتخبره أن السفير يطلبه فى أمر مهم، وبعد نحو 35 دقيقة كان غالى أمام السفير. ومن أحداث ذلك اليوم نكتشف لأول مرة أن يوسف الذى نعرفه كان جاسوسا للموساد الإسرائيلى أيضا.
فى اللقاء طلب منه السفير الإسرائيلى أن يجلس مع مدير فرع الموساد الإسرائيلى فى أووربا الذى حضر بنفسه إلى مقر السفارة للقاء غالى ليخبره بأنهم يطلبون خدماته فى تل أبيب، وأن عليه أن يسافر فورا، وسلمه الضابط الكبير ظرفا به أوراق رسمية مع تذكرة للسفر على طائرة العال المتجهة إلى مطار بن جوريون فى إسرائيل.
فى الواقع، يوسف بطرس غالى تقريبا انهار؛ فلم يكن يعتقد أن الأمور ستتطور بتلك الطريقة، وأنهم بدلا من أن يتركوه يعيش فى هدوء بعد أن قضى فى خدمتهم وخدمة المخابرات المركزية الأمريكية أعواما طويلة، سيطلبونه ثانية للخدمة؛ إذ رفض غالى التنفيذ وأعاد تذكرة السفر والمستندات وساءت حالته، ووسط دهشة السفير والضابط الكبير أعلنا له أن عدم التنفيذ سيضعه تحت طائلة القانون الإسرائيلى، وربما يجد نفسه مطلوبا للسجن فى تل أبيب بعد أن طلبته الأجهزة المصرية كلها.
حكايته مع الموساد
يوسف بطرس غالى طلب منهم أن يتفهموا موقفه؛ لأن حياته الأسرية مهددة، وكشف لهم أن زوجته طلبت الطلاق وأولاده بدءوا يتعاملون معه بحذر، وأن عائلته تبرأت منه، ونفسيا لم يعد يحتمل خدمة الموساد، فطلب منه ضابط الموساد أن يوقع على نموذج أمنى هو إخطار «تأجيل الخدمة الأمنية»، وهو ذلك المستند الذى وقع عليه يوسف بطرس غالى، وبعدها سلم منه نسخا للجهات البريطانية المختلفة.
المستند يجعلنا نتعجب، وهو نموذج أمنى إسرائيلى مطبوع رقمه (02718) لا يمكن أن يصدر إلا من الموساد الإسرائيلى كتب باللغتين الإنجليزية والعبرية وعنوانه: «نموذج تأجيل الحضور لأداء خدمة أمنية عسكرية»، ونجد خانة تشير إلى أنه سجل فى السفارة الإسرائيلية بلندن فى تاريخ 15 أغسطس الماضى، وهو خاص برعايا دولة إسرائيل من المقيمين خارج حدود إسرائيل.
وفى خانة على يسار النموذج، طبع ملحوظة استخدام النموذج، وفيها أنه يحرر من نسختين: الأولى تذهب إلى قيادة الجيش الإسرائيلى قسم التحكم فى الخدمات الأمنية عبر البحار، والنسخة الثانية توثق ويتم أرشفتها بالسفارة الإسرائيلية بلندن.
الهوية العسكرية الشخصية لغالى فى الجيش الإسرائيلى
الجديد فى تلك الوثيقة أننا نجد لأول مرة تطورا حديثا فى ملف يوسف بطرس غالى؛ حيث يظهر رقم (852535007) ويتأكد لنا أنه رقم الهوية العسكرية الشخصية ليوسف بطرس غالى فى الجيش الإسرائيلى، ونجد فى النموذج كل بياناته الشخصية؛ حيث اسمه واسم والده واسم عائلته ورقم جوازه الإسرائيلى الذى تطابق مع معلومات مصرية سابقة، ونجد تعهدا منه بأنه تسلم طلب الاستدعاء، وأنه ملتزم بكل البيانات، وأن يخطر السفارة أو القنصلية الإسرائيلية بلندن بأى تحديث لبياناته، كما أنه لا يعمل لحساب أى جهة أو منظمة أو مؤسسة مدنية أو خاصة معادية لإسرائيل، ونجده وقع على الوثيقة لأول مرة باللغة العبرية.
ونقرأ بين السطور أن الرجل كان يكتب اللغة العبرية، وهو ما يؤكد لنا معلومات سابقة ويفسر لنا لماذا أرسل حاخامات نيويورك من قبل هدية نسخة نادرة من كتاب تعاليم دينية باللغة العبرية عنوانه «اسمع يا يوسف»؛ لأنه ببساطة كان يعرف العبرية، وبالتأكيد تعامل بها مع الموساد طوال فترة عمله معهم.
مبارك يعلم بعمالته للصهاينة
معلومات صادمة تجعل البعض فى مصر يفقد توازنه، لكن الأخطر أن معلومات مشابهة كانت معروفة، وكان اللواء «عمر سليمان» مدير المخابرات العامة المصرية على علم كامل بها، وناقش فيها الرئيس المخلوع «حسنى مبارك»، وهدد الرجل فى عام 1994 بالاستقالة لو لم يتخذ مبارك موقفا من وجود يوسف بطرس غالى، لكن مبارك أقنعه بأن يوسف بطرس غالى تحت سيطرته الشخصية، وأنه يستغله فى إيصال ما يريده إلى الأمريكيين.
ساعتها لم يكن قد اتضح بعد حقيقة عمل يوسف بطرس غالى للموساد الإسرائيلى؛ إذ بدأت المعلومات فى هذا الشأن تتواتر بداية من عام 2005، لكن يوسف بطرس غالى كان قد توغل كثيرا فى الوزارات فى مصر وتوحش سياسيا وأصبح رجل سر مبارك دون غيره من الوزراء أو حتى ضباط القصر.
حكايته مع عمر سليمان
لقد تولى عمر سليمان رئاسة المخابرات المصرية فى 22 يناير 1993. ونتعجب عندما نتعرف لأول مرة أن أول نجاح مهنى لعمر سليمان فى إدارة المخابرات كان فى كشف الجاسوس «يوسف بطرس غالى».
وربما لا يصدق أحد أن عمر سليمان توثق من جزء كبير من المعلومات بنفسه؛ نظرا إلى حساسية الموضوع الذى طرحه عليه المرحوم اللواء «علاء الويشى»، لكن مبارك طرح كل المعلومات جانبا وأصر على تعيين يوسف بطرس غالى وزيرا فى 1993 للتعاون الدولى.
اللواء الويشى .. حامل أسرار
وكيل المخابرات طلب لقاء مبارك، وكشف له جاسوسية غالى، فرد عليه بأنه يعلم وأمر بتعيينه وزيرا، فخرج إلى المستشفى ومنها إلى القبر.
مبارك مكّن غالى رسميا من ملف علاقات مصر بكل من الإدارة الأمريكية وإسرائيل، فشعر اللواء الويشى بالألم فخرج عن شعوره وتخطى عمر سليمان طالبا لقاء عاجلا بمبارك. وفى اللقاء طرح الموضوع، لكنه فوجئ بأن مبارك مع علمه بكل ما توصلوا إليه بشأن غالى غير أنه (مزاجه كده)، يريد يوسف بطرس غالى، فخرج الرجل من اللقاء ليدخل مستشفى وادى النيل لمدة ثلاثة أيام بعدها قابل ربه وقد أدى الأمانة.
ملف يوسف بطرس غالى لم يلق على السلم كى ننقل منه؛ فهو سرى للغاية، لكن القليل من أوراقه يكفى لسرد قصة كاملة؛ ففى صيف عام 1979 وأثناء وجود طالب الدراسات العليا اللامع «يوسف بطرس غالى» فى جامعة «ماساشوستس» الأمريكية للحصول على درجة الدكتوراه فى التكنولوجيا، تلقفته عيون المخابرات المركزية الأمريكية؛ نظرا إلى سمعة عائلته التاريخية فى مصر. على الفور يدركون أن الشاب يوسف سيصبح شيئا كبيرا فى بلاده، ويا حبذا لو ساعدوه، فقرروا أن يعرضوا عليه العمل والتعاون معهم نظير تمكينه من كل الشهادات العلمية التى يطمح إليها مع مستقبل سياسى باهر، فوافق دون شروط، وبعدها سافر إلى مقاطعة «فايرفاكس- لانجلى» بولاية فيرجينيا الأمريكية ليقابل رئيس الـ«سى آى إيه» «ستانفيلد تيرنر» لأول مرة. وفى اللقاء انبهر غالى بالقوة والنفوذ الأمريكى الذى وعده بهما رئيس أقوى جهاز مخابرات بالعالم، ولم ينس تيرنر أن يمنح غالى الجنسية الأمريكية، مع وعد رسمى بمنصب كبير عندما يتم دراساته حتى يمكنهم زرعه بعد ذلك فى الإدارة المصرية بشكل طبيعى على أساس شهاداته وخبراته العلمية.
تدرب فى الـ«سى آى إيه» على جميع الخبرات
بعدها دفعت به المخابرات الأمريكية ليشغل منصب الخبير الاقتصادى فى صندوق النقد الدولى بنيويورك لمدة 6 أعوام كاملة فى الفترة من 1981 إلى 1986. وفى خلال تلك الفترة كان غالى يتدرب فى الـ«سى آى إيه» على جميع الخبرات والمهارات التى سيحتاج لها فى مصر.
بعد أن أصبح جاهزا للعملية الحقيقية والهدف من تجنيده أن يرسلوه إلى القاهرة وبشكل غير مباشر، ساعدوه ليشغل منصبى المستشار الاقتصادى لكل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور «عاطف صدقى» ومستشار محافظ البنك المركزى المصرى فى الفترة من 1986 حتى 1993 حينها، ثم عُين بأمر مباشر من حسنى مبارك وزيرا للتعاون الدولى، وأيضا وزيرا لشئون مجلس الوزراء حتى ديسمبر 1995، ثم وزيرا للدولة للشئون الاقتصادية من يناير 1996 ليونيو 1997، ثم وزيرا للاقتصاد من يوليو 1997 إلى سبتمبر 1999، ليتولى بعدها منصب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية منذ أكتوبر 1999، ثم وزيرا للتجارة الخارجية منذ نوفمبر 2001 وإلى يوليو 2004، ليحتل منصب وزير المالية حتى 31 يناير عند إقالة حكومة «أحمد نظيف» وهروبه من مصر فى صباح 11 فبراير الماضى قبل تنحى مبارك بيوم واحد.
تعاون مع 11 رئيسًا للمخابرات المركزية الأمريكية
فى ملف الجاسوس «يوسف بطرس غالى» نشاط مرصود وتعاون مع 11 رئيسا للمخابرات المركزية الأمريكية؛ آخرهم كان «ليون بانيتا». ولا ننسى أن نذكر أن البيانات الأكثر سرية عن يوسف بطرس غالى تشير إلى أنه كان أقوى وزير على الإطلاق فى عهد مبارك، حتى إن رؤساء الوزارات كانوا يتجنبونه؛ إذ كان يفرض عليهم بتعليمات خاصة من حسنى مبارك.
والمفاجأة أن المخابرات اللبنانية حققت معه واعتقلته فى لبنان لمدة 3 أسابيع بداية من 15 فبراير 2011، وأنه خطف من بيروت بعد ذلك بوساطة مخابرات حزب الله؛ حيث اعتقلوه مدة طويلة، غير أن المخابرات الأمريكية تدخلت فمنحوه فى حزب الله مهلة 48 ساعة حتى يغادر هو وأسرته لبنان، واضطرت الحكومة اللبنانية يومها إلى إسقاط الجنسية اللبنانية عن يوسف بطرس غالى، فباع ممتلكاته فى بيروت بعدها سريعا. والمثير أن المخابرات السورية كانت تطلب تسلمه من حزب الله للتحقيق معه، لكن حزب الله كان قد عقد اتفاقا مع الـ«سى آى إيه» لإخلاء سبيل غالى الذى هرب إلى لندن حيث يقيم الآن.
تجسس على السادات
كما كشفت بعض الوثائق الصادرة عن موقع ويكيليكس، عن أن يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق فى عهد النظام السابق، جُند فى صيف عام 1979 للمخابرات المركزية الأمريكية ليتجسس على الرئيس الراحل أنور السادات الذى وقع معاهدة السلام مع إسرائيل، وثبت من تلك الوثائق أن السفارة الأمريكية أرسلت طلبا للقائه آخر مرة فى 1 فبراير الماضى، وفى اللقاء سلم غالى مسئول الاتصال بـ«سى آى إيه» آخر تقاريره التى أكدت للإدارة الأمريكية انهيار أركان النظام المصرى.
باع أملاكه وهرب أمواله بمساندة زكريا عزمى
وبعد ثورة 25 يناير باع يوسف بطرس غالى كل أملاكه، حتى إنه باع قصره الكائن بالعقار رقم 12 تقاطع شارع المرعشلى مع شارع طه حسين بحى الزمالك، وبعد أن جمع ما خف وزنه وغلا ثمنه بأمر مباشر من زكريا عزمى وهرب 65 مليون دولار أمريكى كانت موزعة على عدد من البنوك المصرية وحوّلها على صناديق أرصدته الحقيقية التى تجاوزت -طبقا لأرقام البنك المركزى الأمريكى الفيدرالى- 9 مليارات دولار أمريكى فى بنوك «باركليز» و«كريديت سويس» و«إتش إس بى سى» فروع نيويورك، حتى إنه لم يترك مليما واحدا فى حساباته البنكية التى أغلقت تماما فى صباح الاثنين 7 فبراير.
غادر مصر قبل قرار التنحى
وغادر غالى مصر صباح يوم 11 فبراير 2011 قبل قرار التنحى بساعات إلى لبنان على متن الطائرة المتوجهة إلى مطار لبيروت التى كانت الرحلة الأخيرة فى ملف غالى فى مصر؛ فقد انتهت وأسدل الستار عليها رسميا بعد أن استمرت من صيف 1979 حتى صباح 11 فبراير 2011 كعميل يتبع أخطر وحدات المخابرات المركزية الأمريكية المعروفة باسم «إن سى إس» أو الخدمة السرية القومية التى يتبعها قسم التجسس على وزارات المالية بالعالم، وفيها يخدم أفضل العناصر الأمريكية من حيث التدريب والتأثير والاقتراب من مصادر المعلومات بالعالم.
الأب الروحى ليوسف بطرس.. عميل
وكان «ستانسفيلد تيرنر» مدير جهاز «سى آى إيه» الأب الروحى ليوسف بطرس غالى. من 9 مارس 1977 حتى 20 يناير 1981 كانت خطة إعداد يوسف بطرس غالى مرت بمحطات طويلة تجعل أى تحليل مضاد لنشاطه يلغى فكرة احتمالية أن يكون قد جُند فى أمريكا؛ فكانت أفضل وسيلة هى زرعه فى صندوق النقد الدولى، ونقل غالى أهم الأحداث، ومن أهمها صراع مصر على استعادة طابا، واستكمال تطبيق معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب بالنسبة إلى استرداد كامل أرض سيناء واستكمال خطط الانفتاح الاقتصادى وبداية العلاقات التطبيعية مع إسرائيل. ونقل غالى فى تلك الفترة أهم المعلومات، فكانت -طبقا لما ذكر- أغنى فترات تشغيله، حتى إنه فى عام 1987 كان قد أصبح من أفضل مصادر المخابرات المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط كله. وفى تلك الفترة كان غالى مستشارا لرئيس الوزراء عاطف صدقى ومستشارا لمحافظ البنك المركزى المصرى.
نقل المعلومات أولاً بأول إلى المخابرات الأمريكية
فى تلك الفترة كان الاقتصاد المصرى الحقيقى لعصر مبارك يتشكل، فنسخ غالى كل الخطط وكل قواعد البيانات وكل الشفرات السرية ومحاضر الجلسات المغلقة، بل تسجيل الجلسات المهمة، ومثبت أنه كان يستخدم تليفون رئيس الوزراء المصرى غير المراقب لنقل المعلومات أولا بأول إلى المخابرات الأمريكية.
وغالى كانت مهاراته أقوى من غيره من العملاء بالجهاز، فكان متقنا للإسبانية والبرتغالية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية، وكلها مهارات لغوية تدرب عليها وتمكن منها أثناء فترة تدريبه الطويلة منذ 1979 حتى 1986 فى نيويورك، فاستغله ويليام كيسى للقيام بعمليات سرية فى نيكاراجوا والبرازيل والبرتغال والمكسيك والدومينيكان، حتى فى ساحل العاج فى عمليات شديدة السرية. ومن المفارقات أنه بعد أن أصبح وزيرا للمالية فى مصر وذاع صيته، تعرف إليه رؤساء للمخابرات بدول أمريكا الجنوبية من عملياته السابقة فى بلادهم، وكانوا يتبادلون النكات معه علانية على دوره فى تلك العمليات، وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أرادت فى عام 1990 بعد أن اشتهر فى مصر أن تكتب تحقيقا عن عمله لحساب «ويليام كيسى»، غير أن «سى آى إيه» صادرته لدواعى الأمن القومى قبل طباعته، لكن كثيرين بالعالم كانوا قد عرفوا القصة.
أما فى 26 مايو 1987 فقد تولى إدارة «سى آى إيه» ويليام وبستر، وفى فترته التى استمرت حتى 31 أغسطس 1991 كانت علاقة يوسف بطرس غالى بالمخابرات الأمريكية غير مستقرة؛ بسبب عدم اقتناع وبستر بعمليته. وفى فترة وبستر كاد غالى يسلم إلى المخابرات المصرية رسميا فى صفقة خاصة لم تكتمل.
أخطر عمليات التطبيع
وفى 10 مايو 1995 انتقل ملف غالى إلى المدير الجديد لـ«سى آى إيه» جون دويتش الذى خطط مع غالى فى تلك الفترة حتى يدفع مصر لتقترض ما يثقلها من أمريكا.
وفى 11 يوليو 1997 تولى ملف غالى «جورج تينت» المدير الجديد لـ«سى آى إيه» فعمل على تقويته وظيفيا، فوجدنا مبارك يعينه فى الشهر نفسه فى منصب وزير الاقتصاد المصرى لتبدأ منذ ذلك التاريخ أخطر عمليات التطبيع الاقتصادى وتتساقط الشركات المصرية فى فخ التطبيع الاقتصادى لتكون فترة جورج تينت أنجح فترات التعاون الاقتصادى بين القاهرة وتل أبيب حتى يومنا هذا من الناحية التاريخية.
ربما أخطر معلومة فى ملف غالى أنه لا يزال يشرف بنفسه على 26 مليار دولار أمريكى هى كل أرصدة عائلة الرئيس المخلوع فى البنوك الأمريكية وفى بنوك البرازيل؛ لأنه هو من حوّلها، ولديه توكيلات رسمية بإدارتها، وربما تأتى أهمية إلقاء القبض على غالى حاليا بسبب هذه المعلومة تحديدا.
تقارير الاضطهاد الدينى للمسيحيين كان معدها وكاتبها يوسف غالى
معلومة غاية فى الحساسية ذكرتها وثيقة ويكيليكس الصادرة فى 30 يوليو 2008 برقم 8 القاهرة 1629 أفرج عنها حديثا بتاريخ 30 أغسطس 2011؛ تثبت أن التقارير المشبوهة التى كانت تطير من القاهرة إلى أمريكا التى تتهم مصر بالاضطهاد الدينى للمسيحيين، كان معدها وكاتبها يوسف بطرس غالى، وفى الوثيقة تأكيد أمريكى أن غالى تولى من عام 2003 إرسال تلك التقارير سرا إلى الإدارة الأمريكية، وأنه كان يرسل نسخا إلى منظمة الأمم المتحدة أيضا دون توقيع، وكانت تقاريره السرية قد قلبت العالم ضد مصر ووصفتها بالطائفية.
وفى 12 فبراير 2009، أصبح ليون بانيتا المدير الجديد للمخابرات المركزية الأمريكية، وهو من أغلق بنفسه ملف العميل غالى فى 11 فبراير 2011 صباح يوم تنحى الرئيس الطاغية محمد حسنى مبارك عن السلطة فى مصر.
التقرب إلى الحاخامات الإسرائيليين فى بريطانيا
 كما كشفت صحيفة روزاليوسف المصرية عن وثائق شديدة الخطورة ليوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق الهارب فى لندن؛ أنه حاول خلال الفترة الأخيرة التقرب إلى الحاخامات الإسرائيليين فى بريطانيا بتردده على معبد «بيفيس ماركس» بلندن.
وأكدت الوثائق أن هذا التقرب أدى إلى حصول «غالى» على وثيقة من الحاخام بارى ماركوس حاخام المعبد الكبير فى لندن وثقتها السفارة الإسرائيلية هناك فى 12 يونيو الماضى، تتيح للوزير الأسبق السفر إلى إسرائيل كمهاجر جديد.
تقارب فعلى بين غالى ومعبد يهودى كبير
وكانت «روزاليوسف» قد نشرت فى عددها الصادر يوم الأربعاء 25 مايو الماضى تقريرا بعنوان «عملية غسيل مخ ليوسف بطرس غالى» فى المعبد اليهودى كشفت فيه عن تقارب فعلى بين «غالى ومعبد يهودى كبير فى نيويورك عندما كان «غالى» فى أمريكا قبل أن ينتقل حاليا إلى العاصمة البريطانية لندن.
نص الدخول فى اليهودية
وأكدت الصحيفة أن المعبد الذى كان يتردد عليه يوسف بطرس غالى فى نيويورك هو فرع المعبد الرئيسى بلندن؛ وذلك من مطالعة أوراق ومستندات معبد لندن. ومن هنا يمكن الجزم بأن غالى طلب يومها من حاخام المعبد بنيويورك الحصول على نص الدخول فى اليهودية، وهو تلك الكلمات السبع التى يرددها الشخص الذى يريد اعتناق اليهودية أو من يريد التحول من أى دين إلى الديانة اليهودية. وبالفعل منح الحاخام يومها غالى الورقة وسجل فى سجلات المعبد اليهودى القصة التى رويت رسميا لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو أثناء زيارته الأخيرة إلى أمريكا.
الهارب من السجن .. حر فى بريطانيا
والغريب» أن «غالى» الهارب من حكم صدر ضده من المحكمة المصرية، حكم بالسجن المشدد لمدة 30 عاما والعزل من الوظيفة ورد مبلغ 30 مليون جنيه إلى خزانة الدولة- لا يزال طليقا فى لندن ويعيش بحرية تامة وينتقل يوميا من مقر إقامته فى ضاحية كامبردج وسط لندن مستقلا مترو الأنفاق فى محطة «الكجيت» الموجودة فى شارع ليفربول، غير عابئ بالنشرة الحمراء للإنتربول الدولى التى وضعته منذ شهور على قائمة المطلوبين؛ لارتكابه جرائم وصدور أحكام عديدة ضده من المحاكم المصرية.
غالى لا يعوض بريطانيا عن أهمية مصر وتاريخها
وعلى جانب آخر، استهجنت صحيفة «ذى إندبندنت» البريطانية بتلك الحرية المشوبة بالشك؛ فالرجل -طبقا لكل الأحكام الصادرة ضده- يعتبر فى نظر القانون المصرى العريق سارقا للمال العام، آكلا مال الشعب المصرى، وعمل ضد الدولة ومصالحها.
وهاجمت الصحيفة وزير الخارجية البريطانى وليام هاج علانية، واتهمته بالتواطؤ والتراخى وعدم احترام الشرعية القانونية الدولية، وطالبت السلطات البريطانية بأن تستمع لأصوات الشعب المصرى الثائرة، محذرة -فى خبر مطول لها الأحد 19 يونيو الماضى- من مغبة عدم الاستماع لصوت العقل «خاصة أن غالى لا يعوض بريطانيا العظمى عن أهمية مصر وتاريخها» على حد تعبير الصحيفة.
أما أندى سلاوتر وزير العدل البريطانى، فكتب إلى وزير الخارجية هاج يسأله عن سبب التآمر فى قضية يوسف بطرس غالى المطلوب للعدالة فى مصر والموجودة بشأنه مذكرة حمراء واضحة ومنشورة على موقع الإنتربول الدولى.
وأضافت أن الحكومة البريطانية -مثلها مثل حكومات عديدة فى الاتحاد الأوروبى- قد جمدت بعض الأرصدة لمسئولين ورجال أعمال مصريين حُسبوا على نظام مبارك، بل جمدت أرصدة عائلة مبارك نفسه، غير أن يوسف بطرس غالى لم تصادر أمواله حتى كتابة تلك السطور فى كل أوروبا وأمريكا.
الصدر : جريدة الشعب



Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More